الشيخ يوسف الفاتوبيذي
نقلها إلى العربية الأب أنطوان ملكي
اللذات هي تلك الأشياء التي تمنح اللذة (ηδονή) وتحلّي حياتنا. إنها مزدوجة مثل طبيعتنا البشرية. كما أن لنا جسد ونفس وكلٌّ منّا لديه حواسه وجسده، على المنوال عينه تنتمي اللذات إلى الطبيعتين الجسدية والعقلية. هناك لذات جسدية، نحسّ بها بالجسد، وهناك لذّات عقلية تنتمي إلى عالمنا العقلي والروحي.
اللذات بالأغلب هي نتيجة عملنا وهي إمّا تعزّينا أو تخيّبنا، بحسب عملنا الصالح أو الخاطئ. إذا كان مخطط تحركاتنا وهدفها بحسب الله وإرادته، فالعواطف واللذات الناتجة تكون مرضِية وتترك طعماً حلواً. بينما إذا كانت ميولنا وأعمالنا غير عقلانية ومليئة بالأهواء، عندها نشعر بالاشمئزاز والاستنكار.
من جهة أخرى، اللذات التي تفتننا وتغرينا هي تلك المرتبطة بطبيعتنا الجسدية والموجودة في أعضاء جسدنا وحواسنا. حاسّة الذوق، اللمس والشمّ تأتي في المرتبطة الأولى. إن طعم الحلاوة الناتج عن احتكاكنا بالأمور والحركات المادية يُسمّى لذّة. هنا ينبغي أن يمتلك المرء تمييزَ التدبير الصحيح لتلافي سوء الاستعمال. إن جوهرنا المادي يشكّل الجزء الأكبر من وجودنا وهو يقوم على الحواس الثلاثة التي من خلالها تتمّ اللذّة وإشباعها.
عندما يتذكّر المرء مصيره، وأنّه يأكل ليعيش، يصير قادراً على التحكّم باللذات بحسب ناموس الحاجة أو الضرورة. إذا كان، للأسف، يعيش ليأكل ويصرِف كما هي القاعدة في هذه الأيام، طبيعي أن تسود اللاعقلانية وأخجل حتّى من وصفها.
هناك أيضاً لذّات أخلاقية وحسّية، وهي بشكل رئيسي تلك المتعلّقة بغريزة التوليد وإقامة العلاقات. هنا عندنا متاهة الانحراف الحقيقية، حيث يفوز الشيطان السحيق بمعظم الجوائز. إن ناموس وحافز توالدنا، وهو ضرورة أساسية في هذا المنفى، يصير الجاذب الأقوى للتلاقي الجسدي بين الجنسين. من ثمّ تبدأ الذريعة الأقوى من مذهب المتعة غير الشرعية، وهي بالحقيقة مَن يحطّم الشباب العديم الخبرة.
لقد وصفنا باقتضاب أسباب بلوغ إلى اللذة. الآن يتوقّف الأمر علينا في استخدام الحكمة لرفض هذه الأسباب وكبح أنفسنا عن البكاء على الأطلال بسبب قبولها غير الشرعي واستخدامها. هذه الأسس تشير إلى اللّذات الحسيّة والدنيوية.
إلى هذا، هناك لذّات روحية وهي تريحنا بالحقيقة وتشجعنا. اللذات الروحية هي أفعال وثمار النعمة الإلهية التي تعزّي وتخفّف الأتعاب في المجال الروحي، تنير العقل، تهدئ القلب وتواسي الحواس وتبثّ الشجاعة والرجاء في الأوقات الصعبة. ما هو إذاً الفرح والسلام والصبر والاعتدال وكل ما يولَد من المحبة والعطف إن لم يكن لذة روحية؟ كل ثمار ومنتجات التضحية التي تطليها المحبة هي اللذات الروحية الأكثر حلاوة والتي تسبب الفرح الأعظم في حياتنا.
وعلاوة على ذلك، هناك لذّات فائقة الطبيعة يمنحها اللطف الإلهي لنا في هذه الحياة، مع أنها تنتمي إلى ماورائيات العالم الآتي، كتهيئة للنعيم الذي ينتظرنا. هذه اللذات، كونها فوق الطبيعة، نحن لا نتحكّم بها ولا نخطط لها في هذا العالم، فما هي إلا جوائز المحبة الإلهية الكاملة لتقوّي وتريح أولئك الذين يجاهدون الجهاد الحَسَن. بعض هذه اللذات: هدوء الأفكار، التحرر من القتال ضد الأهواء، الموت الكامل عن التعلّق بالأمور والحركات الدنيوية كما صعود ascent النعمة الإلهية إلى الذين حققوا طهارة القلب. هؤلاء الناس يُقال عنهم أنهم يختبرون الإلهيات وهم يسحبون extricating أنفسهم من طرق وخبرات هذا العالم. هؤلاء الناس هم الذين أعطاهم السيد هادته وأعلن أن لهم سوف يكشف نفسه وسوف “يسكن فيما بينهم” هو وأبوه. على كل الذين يرغبون بالتمتع بهذه الهبات والفضائل الفائقة الطبيعة أن يجاهدوا في الالتزام بالوصايا. إن ربنا يحفظ وعوده.
Γέροντος Ιωσήφ Βατοπαιδινού, Συζητήσεις στον Άθωνα, Ψυχοφελή Βατοπαιδινά 13, Ιερά Μεγίστη Μονή Βατοπαιδίου, Έκδοσις Α’, Άγιον Όρος 2003, by Olga Konari Kokkinou.